إن الاختلاف في شروط الحديث الصحيح عند الفرقتين قد ساهم في زيادة الفجوة بينهما لكون الحديث مصدر من مصادر التشريع . فقد أفتى علماء سنّة بموجب أحاديث ترى الشيعة أنها غير صحيحة ، وبالمقابل أفتى علماء شيعة بموجب أحاديث ترى السنّة أنها غير صحيحة .
وتعتبر السنّة كتب الحديث لديها صحاح لكونها جُمعت وفق شروط معينة ، وتعتبر صحيح البخاري الكتاب الثاني بعد القرآن الكريم . بينما الشيعة لا يطلقون كلمة صحاح على كتب الحديث لديهم ، ويقولون أن ما من كتاب حديث إلا وفيه الضعيف والمكذوب ، وبالتالي فأن الحديث الصحيح هو ما يوافق القرآن الكريم أو لا يتعارض معه . ويعتبر أُصول الكافي أحد أبرز كتب الحديث عند الشيعة .
إن مفهوم الحديث الصحيح قد اختلف بين السنّة والشيعة ، فأسلوب تقييم الحديث مختلف بين الفرقتين . ومع أنهما وضعتا شروطاً للحديث الصحيح تتعلق بسند الحديث ومتن الحديث ، إلا أن كلتا الفرقتين وضعت في الاعتبار أمور أخرى . فمثلاً في القرن الثاني للهجرة عندما بدأ علماء السنّة في جمع وتصنيف الحديث ، رفض بعضهم قبول بعض الأحاديث لمجرد وجود راوي من الشيعة ضمن سند الحديث ! كما أن علماء السنّة وضعوا في اعتبارهم حساسية الخلفاء العباسيين وبغضهم لأئمة أهل البيت ، فقللوا الرواية عنهم وعن فضائلهم . ومن ضمن العلماء محمد بن إسماعيل البخاري الذي ترك مقولةً لتبقى شاهدة على العصر حينما قال : تركت من الصحاح ما هو أكثر !! ولعل أسباب ترك البخاري لأحاديث صحيحة يعود إلى كونه وقع تحت تأثير رواسب بغض الإمام علي الذي خلّفه الأمويون لدى الناس على مر سبعين عاماً من حكمهم للمسلمين ، إضافةً لكراهية الخلفاء العباسيين له ولأئمة أهل البيت الذين كانوا مصدر خطورة على حكمهم . وقد لعب إعلام السلطة آنذاك دورا مؤثراً في تهميش دور أهل البيت عامة والإمام علي خاصة ، فأسدلوا الستار على خلافته للمسلمين كرابع الخلفاء مما أدى ذلك إلى تخلي الكثير من المسلمين السنّة عن اعترافهم به إلى أن جاء الخليفة العباسي المأمون الذي أظهر حبا للعلويين ، فتحدث العلماء في فضائل الإمام علي دون خوف وأعيد له مكانته كخليفة رابع للمسلمين .
تدوين الحديث
زعم علماء سنّة أن الرسول (ص) لم يأذن بكتابة الحديث ، فقالوا بأن الصحابة استأذنوا الرسول (ص) ليكتبوا الحديث فلم يأذن لهم وقال لا تكتبوا عني غير القرآن فمن كتب غير القرآن فليمحه !! ومعللين هذا السبب وراء تأخر جمع الحديث إلى عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز عام 99 للهجرة . حيث أمر بجمع الحديث بعد أن بلغت الروايات المكذوبة أضعاف الروايات الصحيحة ولم يعد بالإمكان الفصل بينها . لذلك حاول عمر بن عبد العزيز إنقاذ ما يمكن إنقاذه بأن أمر بالتدوين فظهرت كتب الحديث في منتصف القرن الثاني ، فيها الغث والسمين !
إن الذين زعموا أن الرسول (ص) لم يأذن بكتابة الحديث قد أدانوا أنفسهم من حيث لا يدرون ، فإن كان ما يعتقدونه صحيحاً من أن الرسول (ص) نهى عن كتابة الحديث فإن كل كتب الحديث بدعة !! والبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، لأن الله تعالى قال " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " إذ كيف يفعلون ما نهوا عنه ؟!! فإن قيل إن الحاجة دعت لجمع الحديث ، فإن الله ورسوله كانا أعلم بحاجة الناس ، وإن قيل أنه كان اجتهادا ، فلا اجتهاد أمام النص ، وعليه يعتبر البخاري مبدع وكذلك مسلم وكل من جمع الحديث !
إن منطق منع الرسول (ص) من كتابة الحديث لا يتفق مع الواقع ، ويبدو واضحاً أن المراد من ذلك تبرير فعل عمر بن الخطاب الذي أحرق الأحاديث التي جمعها من الصحابة أثناء خلافته والتي كانت ستضع حدا للوضع والزيف. وإلى جانب حرقه هدد عمر كل من يروي الأحاديث ! فقد هدد أبا هريرة وقال له لتتركن الحديث عن رسول الله (ص) أو لألحقنك بأرض دوس ( منتخب كنز العمال ج4 ص61 ) . كما أنه كان يطلب من والولاة أن يقللوا الرواية عن النبي (ص) ، وكان كلما يسمع أحدا يروي عن رسول (ص) ، يغضب منه بحجة أنه لم يسمع هذه الرواية ويهدده بطلب شاهدين وإلا يضربه !! وأصبحت رواية الحديث في عهد عمر نوعاً من المجازفة .
يروي ابن كثير أن أبا هريرة كان يقول إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر أو عند عمر لشج رأسي وقال صالح بن أبى الأخضر عن الزهري عن أبى سلمة سمعت أبا هريرة يقول ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله ص حتى قبض عمر ( البداية والنهاية ج: 8 ص: 107 ) .
لقد كان عمر بن الخطاب ظاهراً وباطناً يحارب توثيق الأحاديث النبوية ، مما سنحت الفرصة للأمويين وعلى رأسهم معاوية لوضع الأحاديث وفقاً لما تقتضيه مصالح بني أمية ، ويؤكد على ذلك توقع عمر بنفسه حينما قال ( ليعورن بنو أمية الإسلام حتى لا يُعرف أين يذهب أو أين يجيء ) بسبب الظروف التي هيئها لهم نتيجة منع كتابة ورواية الحديث .
لقد دلت الروايات على أن الرسول (ص) لم يمنع كتابة الحديث بل كان يشجع على كتابة الحديث ، فقد رُوي عن أبي هريرة عندما طعن فيه الناس لكثرة ما روى من الأحاديث ، علل أبو هريرة ذلك أنه كان فقيراً لا تجارة له فكان ملازماً للنبي (ص) طوال الوقت وكان ذلك السبب في أنه سمع منه أحاديث كثيرة وقال أن عبد الله بن عمرو بن العاص هو الوحيد الذي يعرف أكثر منه لأن عبد الله كان يكتب الأحاديث أما أبو هريرة لم يكن يكتب لأنه لا يعرف الكتابة . هذه الرواية التي أخرجها البخاري وباقي الصحاح تفند الرأي القائل بأن النبي (ص) منع كتابة الحديث ، فإن كان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب الحديث بناء لقول أبي هريرة فلماذا لم يمنعه الرسول (ص) ؟!! ثم أن الصحابة الذين كتبوا الأحاديث التي أحرقها عمر ، ألم يعلم عنهم النبي (ص) فلم لم يمنعهم ؟! وهل يعقل أن يكون هؤلاء الصحابة قد خالفوا النبي (ص) ولم يكن مثالياً إلا عمر بن الخطاب الذي أحرق الأحاديث ؟!!
لقد كانت زوجة النبي حفصة ممن لديها أحاديث مكتوبة وكذلك عائشة ، هل يعقل إنه لم يعلم النبي (ص) عنهما فيحرق ما كتبتا من أحاديث ؟!!
روى الحاكم النيسابوري أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب ما يسمعه من النبي (ص) فقال له بعض الصحابة : أتكتب كل ما تسمع من بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأخبر عبد الله بن عمرو بن العاص رسول الله (ص) فأشار (ص) بإصبعه إلى فمه وقال (ص) : أُكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا الحق .( مستدرك الحاكم ج1 ص105 ) .
إن النبي (ص) أراد أن يكتب بنفسه حديثاً في رزية يوم الخميس عندما قال لهم آتوني بكتاب ودواة أكتب لكم كتاب لن تضلوا بعده أبداً ، لكن عمر بن الخطاب الذي كره كتابة الحديث منع الرسول (ص) ذلك اليوم أن يكتب حديثه . ولو ترك عمر رسول الله (ص) يكتب ذلك الكتاب ، لما دعت الحاجة بعده لصحيح البخاري أوغيره للبحث عن الأحاديث الصحيحة من الموضوعة التي دونت من الوضّاعين والمنافقين والمارقين على الدين ، بل توجه الناس إلى أهل بيت النبوة مصدر الحديث . فالرسول (ص) كان على وشك أن يكتب كتابا يحدد بموجبه الثقلين حيث لن يضل المسلمون بعده أبدا . ولكن بسبب عمر وحزبه لم يتم ذلك ، فاختلف المسلمون فيما بعد في الثقلين .
الثقلين نموذج للاختلاف بين الفرقتين
يعتبر حديث الثقلين نموذج للاختلاف بين السنّة والشيعة ، حيث يزعم علماء السنة أن حديث الثقلين نص على أنهما كتاب الله وسنّة النبي (ص) ، فقد روى مسلم وآخرون عن الإمام مالك ( صاحب المذهب المالكي ) أن الرسول (ص) قال إني تاركُ فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي . أما الشيعة فيستشهدون بروايات كثيرة أخرى أخرجها علماء السنة أيضا مثل مسلم والترمذي وابن ماجه وابن حنبل والحاكم النيسابوري وغيرهم .
إن حديث الثقلين في واقع الأمر يُعد باباً أو مدخلاً مهماً ورائعاً للالتقاء وتوحيد الفرقتين السنّة والشيعة ، ونبذ الخلافات بينهم . فلو تباحث علماء السنّة والشيعة معاً في الثقلين من أجل الوصول إلى الحقيقة ، لأمكن نبذ الخلافات الطائفية بينهما ، ولأصبح المسلمون جميعاً فرقة واحدة . فحديث الثقلين الذي لا تختلف السنّة والشيعة إلا في تحديد ثقل واحد ، فإن السنّة والشيعة قريبين جداً في مضمون ما اختلفوا فيه . فإذا كان الاختلاف في أن الثقل الآخر هو سنتي أو عترة أهل بيتي ، فإن أهل البيت هم أدرى بسنّة النبي (ص) وكما يقول المثل (أهل مكة أدرى بشعابها) . فإذا تمسّك أهل السنة بعترة أهل البيت لن يبتعدوا عن السنّة النبوية المطهرة ، أما السنّة النبوية ما عليها اليوم فقد احتوت على أحاديث ضعيفة وأخرى موضوعة يقر بذلك علماء السنّة أنفسهم ، لذلك من الصعب على الشيعة الأخذ بها والتخلي عن عترة أهل البيت المبينين للسنة النبوية . ومما يدعو إلى التفاؤل بإمكانية توحيد الفرقتين السنّة والشيعة من خلال هذا الحديث هو أن موضع الاختلاف في الحديث بين الطرفين لا يثير الحساسية لدى الطرفين .
إن المنطق والدلائل تُرجح أن الثقلين هما كتاب الله و عترة أهل البيت ، وفقاً لأسلوب جمع الحديث الصحيح لدى الطرفين . فالثقلين عند السنّة تروى بقسمين ، قسم فيها لفظ ( سنتي ) وقسم آخر ( عترة أهل البيت ) . ونسبة الروايات التي فيها ( عترة أهل البيت ) تفوق نسبة الروايات التي جاءت فيها ( سنتي ) ( أنظر مسلم ج7 ص122 ، الترمذي ج2 ص308 ، مسند أحمد ج2 ص17 ، مصابيح السنة ج2 ص204 ، تاريخ بغداد ج8 ص 443 ، المستدرك ج4 ص109 ، الصواعق المحرقة ص 136 ، مشارق الأنوار ص 146تفسير ابن كثير ج3 ص486 ، وغيرهم ) . وبالمقارنة بين الروايتين يتضح بأن الثقل الآخر هو عترة أهل البيت وفقا لعدة أسباب .
وتعتبر السنّة كتب الحديث لديها صحاح لكونها جُمعت وفق شروط معينة ، وتعتبر صحيح البخاري الكتاب الثاني بعد القرآن الكريم . بينما الشيعة لا يطلقون كلمة صحاح على كتب الحديث لديهم ، ويقولون أن ما من كتاب حديث إلا وفيه الضعيف والمكذوب ، وبالتالي فأن الحديث الصحيح هو ما يوافق القرآن الكريم أو لا يتعارض معه . ويعتبر أُصول الكافي أحد أبرز كتب الحديث عند الشيعة .
إن مفهوم الحديث الصحيح قد اختلف بين السنّة والشيعة ، فأسلوب تقييم الحديث مختلف بين الفرقتين . ومع أنهما وضعتا شروطاً للحديث الصحيح تتعلق بسند الحديث ومتن الحديث ، إلا أن كلتا الفرقتين وضعت في الاعتبار أمور أخرى . فمثلاً في القرن الثاني للهجرة عندما بدأ علماء السنّة في جمع وتصنيف الحديث ، رفض بعضهم قبول بعض الأحاديث لمجرد وجود راوي من الشيعة ضمن سند الحديث ! كما أن علماء السنّة وضعوا في اعتبارهم حساسية الخلفاء العباسيين وبغضهم لأئمة أهل البيت ، فقللوا الرواية عنهم وعن فضائلهم . ومن ضمن العلماء محمد بن إسماعيل البخاري الذي ترك مقولةً لتبقى شاهدة على العصر حينما قال : تركت من الصحاح ما هو أكثر !! ولعل أسباب ترك البخاري لأحاديث صحيحة يعود إلى كونه وقع تحت تأثير رواسب بغض الإمام علي الذي خلّفه الأمويون لدى الناس على مر سبعين عاماً من حكمهم للمسلمين ، إضافةً لكراهية الخلفاء العباسيين له ولأئمة أهل البيت الذين كانوا مصدر خطورة على حكمهم . وقد لعب إعلام السلطة آنذاك دورا مؤثراً في تهميش دور أهل البيت عامة والإمام علي خاصة ، فأسدلوا الستار على خلافته للمسلمين كرابع الخلفاء مما أدى ذلك إلى تخلي الكثير من المسلمين السنّة عن اعترافهم به إلى أن جاء الخليفة العباسي المأمون الذي أظهر حبا للعلويين ، فتحدث العلماء في فضائل الإمام علي دون خوف وأعيد له مكانته كخليفة رابع للمسلمين .
تدوين الحديث
زعم علماء سنّة أن الرسول (ص) لم يأذن بكتابة الحديث ، فقالوا بأن الصحابة استأذنوا الرسول (ص) ليكتبوا الحديث فلم يأذن لهم وقال لا تكتبوا عني غير القرآن فمن كتب غير القرآن فليمحه !! ومعللين هذا السبب وراء تأخر جمع الحديث إلى عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز عام 99 للهجرة . حيث أمر بجمع الحديث بعد أن بلغت الروايات المكذوبة أضعاف الروايات الصحيحة ولم يعد بالإمكان الفصل بينها . لذلك حاول عمر بن عبد العزيز إنقاذ ما يمكن إنقاذه بأن أمر بالتدوين فظهرت كتب الحديث في منتصف القرن الثاني ، فيها الغث والسمين !
إن الذين زعموا أن الرسول (ص) لم يأذن بكتابة الحديث قد أدانوا أنفسهم من حيث لا يدرون ، فإن كان ما يعتقدونه صحيحاً من أن الرسول (ص) نهى عن كتابة الحديث فإن كل كتب الحديث بدعة !! والبدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، لأن الله تعالى قال " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " إذ كيف يفعلون ما نهوا عنه ؟!! فإن قيل إن الحاجة دعت لجمع الحديث ، فإن الله ورسوله كانا أعلم بحاجة الناس ، وإن قيل أنه كان اجتهادا ، فلا اجتهاد أمام النص ، وعليه يعتبر البخاري مبدع وكذلك مسلم وكل من جمع الحديث !
إن منطق منع الرسول (ص) من كتابة الحديث لا يتفق مع الواقع ، ويبدو واضحاً أن المراد من ذلك تبرير فعل عمر بن الخطاب الذي أحرق الأحاديث التي جمعها من الصحابة أثناء خلافته والتي كانت ستضع حدا للوضع والزيف. وإلى جانب حرقه هدد عمر كل من يروي الأحاديث ! فقد هدد أبا هريرة وقال له لتتركن الحديث عن رسول الله (ص) أو لألحقنك بأرض دوس ( منتخب كنز العمال ج4 ص61 ) . كما أنه كان يطلب من والولاة أن يقللوا الرواية عن النبي (ص) ، وكان كلما يسمع أحدا يروي عن رسول (ص) ، يغضب منه بحجة أنه لم يسمع هذه الرواية ويهدده بطلب شاهدين وإلا يضربه !! وأصبحت رواية الحديث في عهد عمر نوعاً من المجازفة .
يروي ابن كثير أن أبا هريرة كان يقول إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر أو عند عمر لشج رأسي وقال صالح بن أبى الأخضر عن الزهري عن أبى سلمة سمعت أبا هريرة يقول ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله ص حتى قبض عمر ( البداية والنهاية ج: 8 ص: 107 ) .
لقد كان عمر بن الخطاب ظاهراً وباطناً يحارب توثيق الأحاديث النبوية ، مما سنحت الفرصة للأمويين وعلى رأسهم معاوية لوضع الأحاديث وفقاً لما تقتضيه مصالح بني أمية ، ويؤكد على ذلك توقع عمر بنفسه حينما قال ( ليعورن بنو أمية الإسلام حتى لا يُعرف أين يذهب أو أين يجيء ) بسبب الظروف التي هيئها لهم نتيجة منع كتابة ورواية الحديث .
لقد دلت الروايات على أن الرسول (ص) لم يمنع كتابة الحديث بل كان يشجع على كتابة الحديث ، فقد رُوي عن أبي هريرة عندما طعن فيه الناس لكثرة ما روى من الأحاديث ، علل أبو هريرة ذلك أنه كان فقيراً لا تجارة له فكان ملازماً للنبي (ص) طوال الوقت وكان ذلك السبب في أنه سمع منه أحاديث كثيرة وقال أن عبد الله بن عمرو بن العاص هو الوحيد الذي يعرف أكثر منه لأن عبد الله كان يكتب الأحاديث أما أبو هريرة لم يكن يكتب لأنه لا يعرف الكتابة . هذه الرواية التي أخرجها البخاري وباقي الصحاح تفند الرأي القائل بأن النبي (ص) منع كتابة الحديث ، فإن كان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب الحديث بناء لقول أبي هريرة فلماذا لم يمنعه الرسول (ص) ؟!! ثم أن الصحابة الذين كتبوا الأحاديث التي أحرقها عمر ، ألم يعلم عنهم النبي (ص) فلم لم يمنعهم ؟! وهل يعقل أن يكون هؤلاء الصحابة قد خالفوا النبي (ص) ولم يكن مثالياً إلا عمر بن الخطاب الذي أحرق الأحاديث ؟!!
لقد كانت زوجة النبي حفصة ممن لديها أحاديث مكتوبة وكذلك عائشة ، هل يعقل إنه لم يعلم النبي (ص) عنهما فيحرق ما كتبتا من أحاديث ؟!!
روى الحاكم النيسابوري أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب ما يسمعه من النبي (ص) فقال له بعض الصحابة : أتكتب كل ما تسمع من بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأخبر عبد الله بن عمرو بن العاص رسول الله (ص) فأشار (ص) بإصبعه إلى فمه وقال (ص) : أُكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا الحق .( مستدرك الحاكم ج1 ص105 ) .
إن النبي (ص) أراد أن يكتب بنفسه حديثاً في رزية يوم الخميس عندما قال لهم آتوني بكتاب ودواة أكتب لكم كتاب لن تضلوا بعده أبداً ، لكن عمر بن الخطاب الذي كره كتابة الحديث منع الرسول (ص) ذلك اليوم أن يكتب حديثه . ولو ترك عمر رسول الله (ص) يكتب ذلك الكتاب ، لما دعت الحاجة بعده لصحيح البخاري أوغيره للبحث عن الأحاديث الصحيحة من الموضوعة التي دونت من الوضّاعين والمنافقين والمارقين على الدين ، بل توجه الناس إلى أهل بيت النبوة مصدر الحديث . فالرسول (ص) كان على وشك أن يكتب كتابا يحدد بموجبه الثقلين حيث لن يضل المسلمون بعده أبدا . ولكن بسبب عمر وحزبه لم يتم ذلك ، فاختلف المسلمون فيما بعد في الثقلين .
الثقلين نموذج للاختلاف بين الفرقتين
يعتبر حديث الثقلين نموذج للاختلاف بين السنّة والشيعة ، حيث يزعم علماء السنة أن حديث الثقلين نص على أنهما كتاب الله وسنّة النبي (ص) ، فقد روى مسلم وآخرون عن الإمام مالك ( صاحب المذهب المالكي ) أن الرسول (ص) قال إني تاركُ فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي . أما الشيعة فيستشهدون بروايات كثيرة أخرى أخرجها علماء السنة أيضا مثل مسلم والترمذي وابن ماجه وابن حنبل والحاكم النيسابوري وغيرهم .
إن حديث الثقلين في واقع الأمر يُعد باباً أو مدخلاً مهماً ورائعاً للالتقاء وتوحيد الفرقتين السنّة والشيعة ، ونبذ الخلافات بينهم . فلو تباحث علماء السنّة والشيعة معاً في الثقلين من أجل الوصول إلى الحقيقة ، لأمكن نبذ الخلافات الطائفية بينهما ، ولأصبح المسلمون جميعاً فرقة واحدة . فحديث الثقلين الذي لا تختلف السنّة والشيعة إلا في تحديد ثقل واحد ، فإن السنّة والشيعة قريبين جداً في مضمون ما اختلفوا فيه . فإذا كان الاختلاف في أن الثقل الآخر هو سنتي أو عترة أهل بيتي ، فإن أهل البيت هم أدرى بسنّة النبي (ص) وكما يقول المثل (أهل مكة أدرى بشعابها) . فإذا تمسّك أهل السنة بعترة أهل البيت لن يبتعدوا عن السنّة النبوية المطهرة ، أما السنّة النبوية ما عليها اليوم فقد احتوت على أحاديث ضعيفة وأخرى موضوعة يقر بذلك علماء السنّة أنفسهم ، لذلك من الصعب على الشيعة الأخذ بها والتخلي عن عترة أهل البيت المبينين للسنة النبوية . ومما يدعو إلى التفاؤل بإمكانية توحيد الفرقتين السنّة والشيعة من خلال هذا الحديث هو أن موضع الاختلاف في الحديث بين الطرفين لا يثير الحساسية لدى الطرفين .
إن المنطق والدلائل تُرجح أن الثقلين هما كتاب الله و عترة أهل البيت ، وفقاً لأسلوب جمع الحديث الصحيح لدى الطرفين . فالثقلين عند السنّة تروى بقسمين ، قسم فيها لفظ ( سنتي ) وقسم آخر ( عترة أهل البيت ) . ونسبة الروايات التي فيها ( عترة أهل البيت ) تفوق نسبة الروايات التي جاءت فيها ( سنتي ) ( أنظر مسلم ج7 ص122 ، الترمذي ج2 ص308 ، مسند أحمد ج2 ص17 ، مصابيح السنة ج2 ص204 ، تاريخ بغداد ج8 ص 443 ، المستدرك ج4 ص109 ، الصواعق المحرقة ص 136 ، مشارق الأنوار ص 146تفسير ابن كثير ج3 ص486 ، وغيرهم ) . وبالمقارنة بين الروايتين يتضح بأن الثقل الآخر هو عترة أهل البيت وفقا لعدة أسباب .
1st أكتوبر 2018, 4:52 pm من طرف Reda
» بيان الإعجاز العلمى فى تحديد التبيان الفعلى لموعد ( ليلة القدر ) على مدار كافة الأعوام والآيام
1st يوليو 2016, 2:11 pm من طرف usama
» كتاب اسرار الفراعنة
20th يوليو 2015, 7:11 am من طرف ayman farag
» أسرار الفراعنة القدماء يبحث حقيقة استخراج كنوز الأرض ــ الكتاب الذى أجمعت عليه وكالات الآنباء العالمية بأنه المرجع الآول لعلماء الآثار والمصريات والتاريخ والحفريات ــ الذى تخطى تحميله 2300 ضغطة تحميل
12th يوليو 2015, 4:15 pm من طرف farag latef
» ألف مبروك الآصدار الجديد ( الشيطان يعظ ) ونأمل المزيد والمزيد
26th أبريل 2015, 5:20 pm من طرف samer abd hussain
» ألف مبروك اصداركم الجديد ( السفاحون فى الآرض ) الذى يضعكم على منصة التتويج مع الدعاء بالتوفيق دوما
26th أبريل 2015, 5:17 pm من طرف samer abd hussain
» الباحث الكبير رجاء هام
12th أبريل 2015, 11:14 am من طرف الخزامي
» بيان الإعجاز العلمى فى تبيان فتح مغاليق ( التوراة السامرية ـ التوراة العبرانية )
10th أبريل 2015, 6:11 am من طرف الخزامي
» الرجاء .. ممكن كتاب أسرار الفراعنة المصريين القدماء للباحث العلمي الدكتور سيد جمعة
24th فبراير 2015, 4:37 am من طرف snowhitco