اختلفت السنّة والشيعة في الصحابة ، حيث تدعي السنّة أن لصحابة الرسول (ص) بدون استثناء مكانة رفيعة عند الله ، وأن النبي (ص) مات وهو راضٍ عنهم جميعاً ، وعليه فإن الصحابة جميعاً عدول . وقال علماء السنّة أن الطعن في أحد الصحابة زندقة ، بل أن البغض لأحد من الصحابة كفر ( العقيدة الطحاوية ) . ويعتبر علماء السنّة الصحابي هو كل من رأى أو سمع أو تحدث إلى رسول الله (ص) من المسلمين ، واعتمد فقهاء السنّة أفعال وأقوال الصحابة مصدر من مصادر التشريع من منطلق رواية ( أصحابي كالنجوم بأيِّهم اقتديتم اهتديتم ) .
تقول الشيعة أن رواية ( أصحابي كالنجوم ) رواية مكذوبة على رسول الله (ص) ، وُضعت وما على شاكلتها في العهد الأموي لرفع مكانة الصحابة الأمويين الذين استولوا على الخلافة الإسلامية بالقوة لإضفاء الشرعية على أفعالهم . كما أن هذه الرواية وغيرها تهدف لتحجيم المكانة الروحية لأهل البيت لدى المسلمين كمصدر الهداية للسنّة النبوية والقرآن . فكان رفع مكانة الصحابة وخلق الفضائل لهم ليتساوى كفتهم مع كفة أهل البيت هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن لمعاوية أن يوجد البديل للولاء لأئمة أهل البيت الذين شكلوا خطرا على حكمه بسبب مكانتهم . ويرى المسلمون الشيعة أن الصحابة ليس كلهم عدول ، فمنهم من انقلب على عقبيه أثناء حياة الرسول (ص) وغضب منه ومات عليه الصلاة والسلام وهو غاضب منه ، ومنهم من انقلب على عقبيه بعد حياة الرسول (ص) وارتكب المعاصي ، ومنهم من باع دينه من أجل دنياه . ويُحمِّل المسلمون الشيعة بعض الصحابة مسئولية تفرقة المسلمين إلى شيع وأحزاب ، كما اتهمت الشيعة بعض الصحابة بالمسئولية في تحريف السنة النبوية المطهرة . إلى جانب ذلك فإن الشيعة تمجد صحابة آخرين وتقر بمكانتهم الرفيعة خاصة من مدحهم رسول الله (ص) أو لم يذمهم حتى مات (ص) وهو راضٍ عنه ولم يثبت التاريخ لهم سلبيات بعد حياة النبي (ص) . والشيعة يرفضون أن يأخذوا حكماً شرعياً لفعل صحابي لا يوافق القرآن والسنّة النبوية المطهرة . يرى علماء السنّة أن الولاء التام للصحابة ميزان للإيمان ، في حين أن الشيعة يرون ذلك لأئمة أهل البيت فقط ، وبسبب رفض الشيعة إعطاء الصحابة تلك المكانة ، فقد لقّبهم علماء السنّة بالروافض !! إن الاختلاف بين الفرقتين الإسلاميتين السنّة والشيعة في مكانة الصحابة قد لا يثبت ضلال إحدى الفرقتين ، بمعنى أن بغض أو حب كل الصحابة لا يستوجب دخول النار أو الجنة ، إذ لا يوجد دليل قطعي أو آية قرآنية تجزم بذلك . فحب السني لصحابي لا يستوجب دخول الجنة وبغض الشيعي لصحابي لا يستوجب دخول النار . لكن الأمر في غاية الخطورة لو أن السني استحسن فعل صحابي قد خالف أو ناقض ما جاء في القرآن والسنّة النبوية المطهرة .
إن المنهج الفقهي لدى المذاهب الأربعة السنية فيه الكثير من الأحكام الشرعية اُستمدت من أفعال الصحابة أو أقوالهم ، ومصير تلك الأحكام الشرعية بلا شك تقع تحت رحمة أن يكون هؤلاء الصحابة عند حسن الظن بهم وإلا فإنهم لو لم يكونوا جميعاً عدول وأن بعضهم قد كفر بعد إيمانه وعصى ربه واستحق اللعن كما تدعي الشيعة ، فإن هذه الأحكام ليست شرعية بل ابتعاد عن منهج الله ، الأمر الذي يؤدي بالمنهج الفقهي أن يكون هشاً ، وهنا تكمن الخطورة بأن يقتدي السني بأحد أصحاب النار " ومن يعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " . بالمقابل فإن الفرقة الإسلامية الأخرى الشيعة قد نجوا لأنهم لم يفعلوا ذلك . أما إذا كان الصحابة عدول كما زعم أهل السنة ، فلا يعدو الأمر أن تكون الشيعة قد خسرت فقط مصدرا من مصادر التشريع دون أن يؤثر ذلك على المنهج الفقهي لديهم . وأما أن لم يكن كل الصحابة عدول فإنهم قد نجوا من احتمال الضلال لعدم أخذهم من صحابي ضل وهذا مكسب كبير في حد ذاته . إن الاختلاف بين السنّة والشيعة في الصحابة والذي ساهم في تباعدهما فقهياً من جهة والبغض لبعضهما من جهةٍ أخرى ، لم يكن ليحدث لو تم مقارنة وجهتي نظرهما في الصحابة على كتاب الله والسنّة النبوية المطهرة . فقد تطرق القرآن الكريم في مواقف كثيرة إلى الصحابة ، كما أن النبي (ص) ذكر صحابته في كثير من الأحاديث الصحيحة أيضا مما تجمع عليها الفرقتين السنّة والشيعة . وهناك في كتب التاريخ الإسلامي الكثير من الأحداث في حياة الصحابة ، من السهل جداً أن تُقيَّم كل فرقة رأيها بشرط أن تتجرد من العصبية المذهبية ، ويتم مقارنة كل صحابي موضع الاختلاف بثوابت من الكتاب والسنة النبوية المطهّرة . من الآيات القرآنية التي تستند المذاهب الأربعة السنية في إثبات المكانة الرفيعة للصحابة ، " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق الله أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " ( 10 الفتح) .
" لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " (18 الفتح) .
" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضل من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزُّرّاع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما " (29 الفتح) . قون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " ( 100 التوبة ) . إن الله تعالى الذي أنزل القرآن أمرنا أن نتدبر آياته ، ومن يتدبر الآيات السابقة يجد أنها تحتوي على أخبار مستقبلية ومصير لمن قصدتهم تلك الآيات ، وتبين أن قسم من الذين قصدتهم الآيات الكريمة السابقة سينحرف ولن يلتزم بالنهج الذي بدأ . فهناك مفردات في الآيات الكريمة لها من الأهمية أن نتدبرها وأن نتمعن بها لنستدل على الحقائق التي أشارت إليها الآيات .
إن الآية الأولى " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق الله أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " ( 10 الفتح) ، قد دلت على أن رضى الله وثوابه في الآخرة مشروط بأن يستمر هؤلاء بما عاهدوا الله عليه ولا ينكثوا ما عاهدوا عليه ، ومن يستمر منهم بما عاهد الله فسيؤتيه أجرا عظيما في الآخرة . وبينت الآية احتمال النكث بالعهد بأن ذكرت حقيقة من ينكث ولولا ذلك لما كانت الحاجة لبيان ذلك . لكن آيات أخرى في القرآن دلت على حدوث النكث بالعهد فيما بعد ، والبعض فقط أستمر بما عاهد الله عليه كما جاء في قوله تعالى " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " (23 الأحزاب) فعبارة " من المؤمنين " تفيد ان ليس كل المؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه بل بعضهم صدق ما عاهد الله عليه والباقي نكثوا العهد . لذلك فقد استحق هؤلاء فقط وعد الله الذي وعدهم في الآية الكريمة " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق الله أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " ( 10 الفتح) . أما الآخرون فلم يُصْدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فهؤلاء هم قصدهم الله تعالى في الآية " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " ، وبذلك أراد الله من بيان حقيقة من ينكث أن يبين أن قسم من الذين بايع النبي (ص) سينكث العهد . ولعل ما رواه البخاري خير دليل على نكث بعض الصحابة تلك البيعة التي تمت تحت الشجرة ، فقد روى البخاري عن العلاء بن مسيب عن أبيه قال : لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما فقلت طوبى لك صحبت النبي (ص) وبايعته تحت الشجرة ، فقال : يا ابن أخي أنت لا تدري ما أحدثنا بعده ( البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية حديث 4170 ) . فهذه الرواية تؤكد أن بعض الصحابة أحدث أشياء نكث بها العهد .
أما الآية الثانية " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " واضح من الآية الكريمة إن رضاء الله عليهم كان وقتيا وقد جزاهم على ذلك في الدنيا بأن أنزل السكينة عليهم ثم أثابهم الفتح وبذلك انتهى الجزاء لهم مقابل رضاء الله عليهم تحت الشجرة . ولو كان لهم جزاء أكبر من ذلك يوم القيامة لبيّن الله ذلك في الآية كأن يقول لهم جنات أو ما شابه ذلك . لكن لم يحدث مثل ذلك وإنما أثابهم ثواب دنيوي حيث أنزل السكينة عليهم ووعدهم بفتح قريب نتيجة رضاه عنهم في ذلك الوقت . ويبدو أن قلوبهم لأول مرة صفت وإلا لما قال تعالى " فعلم ما في قلوبهم " أي أنه كانت قلوبهم على غير العادة ، فلما وجد الله بهم خيرا أنزل عليهم السكينة ووعدهم بالفتح القريب .
وأما الآية الثالثة " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار " لا تفيد أن كل الذين كانوا مع النبي (ص) استحقوا المغفرة والأجر بل البعض منهم لوجود لفظ ( منهم ) في آخر الآية " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما " ، فكلمة ( منهم ) تفيد البعض وليس الجميع . فالآية لا تتوعد جميع من كان مع النبي (ص) بالمغفرة وإنما المغفرة والأجر العظيم للبعض منهم ، أي البعض الذي يستمر في إيمانه ويعمل صالحا والله وحده يعلم ما في الصدور ، فمن أين يمكن أن يضمن أحدا بصدق إيمان صحابي غير الله ورسوله . ومن يدري ذلك بعد وفاة الرسول (ص) ؟ ألم يخرج البخاري ومسلم وآخرون حديث الحوض أن البعض بدّل بعد أن فارقهم النبي (ص) ؟
الآية الرابعة " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " هناك مهاجرون إلى الحبشة قبل الهجرة إلى المدينة فأي السابقون المقصودين ؟ وما الدليل أن المقصودين هم المهاجرون للمدينة فقط وليس للحبشة أيضا ؟ ثم ما الذي يضمن أن من رضي الله عنه في وقت ما لم ينقلب على عقبيه بعد ذلك ؟!!
وأخيرا هذه الآية لا تعني كل الصحابة بل الأنصار والسابقون الأولون من المهاجرين فقط وليس كل المهاجرين ولا باقي الصحابة الذين لم يهاجروا أمثال أبي سفيان وابنه معاوية وباقي بني أمية وغيرهم ممن لم يهاجروا . فلا تشملهم الآية حيث لم يهاجروا أصلا بل بقوا في مكة حتى عام الفتح حيث انتهت الهجرة كما لا يخفى . وأما الذين أتّبعوا بإحسان لا يعلمهم إلا الله العالم ما في الصدور ، فلا يمكن الجزم بأن صحابيا ما أو تابعي أو غيره اتّبع بإحسان . فالآية الكريمة ليست دليلا على صحة إيمان كل الصحابة ، ومن ينسب أحدا منهم للآية إنما يكون ذلك مجرد ظن وليس اليقين ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا كما قال الله تعالى .
تقول الشيعة أن رواية ( أصحابي كالنجوم ) رواية مكذوبة على رسول الله (ص) ، وُضعت وما على شاكلتها في العهد الأموي لرفع مكانة الصحابة الأمويين الذين استولوا على الخلافة الإسلامية بالقوة لإضفاء الشرعية على أفعالهم . كما أن هذه الرواية وغيرها تهدف لتحجيم المكانة الروحية لأهل البيت لدى المسلمين كمصدر الهداية للسنّة النبوية والقرآن . فكان رفع مكانة الصحابة وخلق الفضائل لهم ليتساوى كفتهم مع كفة أهل البيت هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن لمعاوية أن يوجد البديل للولاء لأئمة أهل البيت الذين شكلوا خطرا على حكمه بسبب مكانتهم . ويرى المسلمون الشيعة أن الصحابة ليس كلهم عدول ، فمنهم من انقلب على عقبيه أثناء حياة الرسول (ص) وغضب منه ومات عليه الصلاة والسلام وهو غاضب منه ، ومنهم من انقلب على عقبيه بعد حياة الرسول (ص) وارتكب المعاصي ، ومنهم من باع دينه من أجل دنياه . ويُحمِّل المسلمون الشيعة بعض الصحابة مسئولية تفرقة المسلمين إلى شيع وأحزاب ، كما اتهمت الشيعة بعض الصحابة بالمسئولية في تحريف السنة النبوية المطهرة . إلى جانب ذلك فإن الشيعة تمجد صحابة آخرين وتقر بمكانتهم الرفيعة خاصة من مدحهم رسول الله (ص) أو لم يذمهم حتى مات (ص) وهو راضٍ عنه ولم يثبت التاريخ لهم سلبيات بعد حياة النبي (ص) . والشيعة يرفضون أن يأخذوا حكماً شرعياً لفعل صحابي لا يوافق القرآن والسنّة النبوية المطهرة . يرى علماء السنّة أن الولاء التام للصحابة ميزان للإيمان ، في حين أن الشيعة يرون ذلك لأئمة أهل البيت فقط ، وبسبب رفض الشيعة إعطاء الصحابة تلك المكانة ، فقد لقّبهم علماء السنّة بالروافض !! إن الاختلاف بين الفرقتين الإسلاميتين السنّة والشيعة في مكانة الصحابة قد لا يثبت ضلال إحدى الفرقتين ، بمعنى أن بغض أو حب كل الصحابة لا يستوجب دخول النار أو الجنة ، إذ لا يوجد دليل قطعي أو آية قرآنية تجزم بذلك . فحب السني لصحابي لا يستوجب دخول الجنة وبغض الشيعي لصحابي لا يستوجب دخول النار . لكن الأمر في غاية الخطورة لو أن السني استحسن فعل صحابي قد خالف أو ناقض ما جاء في القرآن والسنّة النبوية المطهرة .
إن المنهج الفقهي لدى المذاهب الأربعة السنية فيه الكثير من الأحكام الشرعية اُستمدت من أفعال الصحابة أو أقوالهم ، ومصير تلك الأحكام الشرعية بلا شك تقع تحت رحمة أن يكون هؤلاء الصحابة عند حسن الظن بهم وإلا فإنهم لو لم يكونوا جميعاً عدول وأن بعضهم قد كفر بعد إيمانه وعصى ربه واستحق اللعن كما تدعي الشيعة ، فإن هذه الأحكام ليست شرعية بل ابتعاد عن منهج الله ، الأمر الذي يؤدي بالمنهج الفقهي أن يكون هشاً ، وهنا تكمن الخطورة بأن يقتدي السني بأحد أصحاب النار " ومن يعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " . بالمقابل فإن الفرقة الإسلامية الأخرى الشيعة قد نجوا لأنهم لم يفعلوا ذلك . أما إذا كان الصحابة عدول كما زعم أهل السنة ، فلا يعدو الأمر أن تكون الشيعة قد خسرت فقط مصدرا من مصادر التشريع دون أن يؤثر ذلك على المنهج الفقهي لديهم . وأما أن لم يكن كل الصحابة عدول فإنهم قد نجوا من احتمال الضلال لعدم أخذهم من صحابي ضل وهذا مكسب كبير في حد ذاته . إن الاختلاف بين السنّة والشيعة في الصحابة والذي ساهم في تباعدهما فقهياً من جهة والبغض لبعضهما من جهةٍ أخرى ، لم يكن ليحدث لو تم مقارنة وجهتي نظرهما في الصحابة على كتاب الله والسنّة النبوية المطهرة . فقد تطرق القرآن الكريم في مواقف كثيرة إلى الصحابة ، كما أن النبي (ص) ذكر صحابته في كثير من الأحاديث الصحيحة أيضا مما تجمع عليها الفرقتين السنّة والشيعة . وهناك في كتب التاريخ الإسلامي الكثير من الأحداث في حياة الصحابة ، من السهل جداً أن تُقيَّم كل فرقة رأيها بشرط أن تتجرد من العصبية المذهبية ، ويتم مقارنة كل صحابي موضع الاختلاف بثوابت من الكتاب والسنة النبوية المطهّرة . من الآيات القرآنية التي تستند المذاهب الأربعة السنية في إثبات المكانة الرفيعة للصحابة ، " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق الله أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " ( 10 الفتح) .
" لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " (18 الفتح) .
" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضل من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزُّرّاع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما " (29 الفتح) . قون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " ( 100 التوبة ) . إن الله تعالى الذي أنزل القرآن أمرنا أن نتدبر آياته ، ومن يتدبر الآيات السابقة يجد أنها تحتوي على أخبار مستقبلية ومصير لمن قصدتهم تلك الآيات ، وتبين أن قسم من الذين قصدتهم الآيات الكريمة السابقة سينحرف ولن يلتزم بالنهج الذي بدأ . فهناك مفردات في الآيات الكريمة لها من الأهمية أن نتدبرها وأن نتمعن بها لنستدل على الحقائق التي أشارت إليها الآيات .
إن الآية الأولى " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق الله أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " ( 10 الفتح) ، قد دلت على أن رضى الله وثوابه في الآخرة مشروط بأن يستمر هؤلاء بما عاهدوا الله عليه ولا ينكثوا ما عاهدوا عليه ، ومن يستمر منهم بما عاهد الله فسيؤتيه أجرا عظيما في الآخرة . وبينت الآية احتمال النكث بالعهد بأن ذكرت حقيقة من ينكث ولولا ذلك لما كانت الحاجة لبيان ذلك . لكن آيات أخرى في القرآن دلت على حدوث النكث بالعهد فيما بعد ، والبعض فقط أستمر بما عاهد الله عليه كما جاء في قوله تعالى " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " (23 الأحزاب) فعبارة " من المؤمنين " تفيد ان ليس كل المؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه بل بعضهم صدق ما عاهد الله عليه والباقي نكثوا العهد . لذلك فقد استحق هؤلاء فقط وعد الله الذي وعدهم في الآية الكريمة " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق الله أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " ( 10 الفتح) . أما الآخرون فلم يُصْدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فهؤلاء هم قصدهم الله تعالى في الآية " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " ، وبذلك أراد الله من بيان حقيقة من ينكث أن يبين أن قسم من الذين بايع النبي (ص) سينكث العهد . ولعل ما رواه البخاري خير دليل على نكث بعض الصحابة تلك البيعة التي تمت تحت الشجرة ، فقد روى البخاري عن العلاء بن مسيب عن أبيه قال : لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما فقلت طوبى لك صحبت النبي (ص) وبايعته تحت الشجرة ، فقال : يا ابن أخي أنت لا تدري ما أحدثنا بعده ( البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية حديث 4170 ) . فهذه الرواية تؤكد أن بعض الصحابة أحدث أشياء نكث بها العهد .
أما الآية الثانية " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " واضح من الآية الكريمة إن رضاء الله عليهم كان وقتيا وقد جزاهم على ذلك في الدنيا بأن أنزل السكينة عليهم ثم أثابهم الفتح وبذلك انتهى الجزاء لهم مقابل رضاء الله عليهم تحت الشجرة . ولو كان لهم جزاء أكبر من ذلك يوم القيامة لبيّن الله ذلك في الآية كأن يقول لهم جنات أو ما شابه ذلك . لكن لم يحدث مثل ذلك وإنما أثابهم ثواب دنيوي حيث أنزل السكينة عليهم ووعدهم بفتح قريب نتيجة رضاه عنهم في ذلك الوقت . ويبدو أن قلوبهم لأول مرة صفت وإلا لما قال تعالى " فعلم ما في قلوبهم " أي أنه كانت قلوبهم على غير العادة ، فلما وجد الله بهم خيرا أنزل عليهم السكينة ووعدهم بالفتح القريب .
وأما الآية الثالثة " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار " لا تفيد أن كل الذين كانوا مع النبي (ص) استحقوا المغفرة والأجر بل البعض منهم لوجود لفظ ( منهم ) في آخر الآية " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما " ، فكلمة ( منهم ) تفيد البعض وليس الجميع . فالآية لا تتوعد جميع من كان مع النبي (ص) بالمغفرة وإنما المغفرة والأجر العظيم للبعض منهم ، أي البعض الذي يستمر في إيمانه ويعمل صالحا والله وحده يعلم ما في الصدور ، فمن أين يمكن أن يضمن أحدا بصدق إيمان صحابي غير الله ورسوله . ومن يدري ذلك بعد وفاة الرسول (ص) ؟ ألم يخرج البخاري ومسلم وآخرون حديث الحوض أن البعض بدّل بعد أن فارقهم النبي (ص) ؟
الآية الرابعة " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " هناك مهاجرون إلى الحبشة قبل الهجرة إلى المدينة فأي السابقون المقصودين ؟ وما الدليل أن المقصودين هم المهاجرون للمدينة فقط وليس للحبشة أيضا ؟ ثم ما الذي يضمن أن من رضي الله عنه في وقت ما لم ينقلب على عقبيه بعد ذلك ؟!!
وأخيرا هذه الآية لا تعني كل الصحابة بل الأنصار والسابقون الأولون من المهاجرين فقط وليس كل المهاجرين ولا باقي الصحابة الذين لم يهاجروا أمثال أبي سفيان وابنه معاوية وباقي بني أمية وغيرهم ممن لم يهاجروا . فلا تشملهم الآية حيث لم يهاجروا أصلا بل بقوا في مكة حتى عام الفتح حيث انتهت الهجرة كما لا يخفى . وأما الذين أتّبعوا بإحسان لا يعلمهم إلا الله العالم ما في الصدور ، فلا يمكن الجزم بأن صحابيا ما أو تابعي أو غيره اتّبع بإحسان . فالآية الكريمة ليست دليلا على صحة إيمان كل الصحابة ، ومن ينسب أحدا منهم للآية إنما يكون ذلك مجرد ظن وليس اليقين ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا كما قال الله تعالى .
1st أكتوبر 2018, 4:52 pm من طرف Reda
» بيان الإعجاز العلمى فى تحديد التبيان الفعلى لموعد ( ليلة القدر ) على مدار كافة الأعوام والآيام
1st يوليو 2016, 2:11 pm من طرف usama
» كتاب اسرار الفراعنة
20th يوليو 2015, 7:11 am من طرف ayman farag
» أسرار الفراعنة القدماء يبحث حقيقة استخراج كنوز الأرض ــ الكتاب الذى أجمعت عليه وكالات الآنباء العالمية بأنه المرجع الآول لعلماء الآثار والمصريات والتاريخ والحفريات ــ الذى تخطى تحميله 2300 ضغطة تحميل
12th يوليو 2015, 4:15 pm من طرف farag latef
» ألف مبروك الآصدار الجديد ( الشيطان يعظ ) ونأمل المزيد والمزيد
26th أبريل 2015, 5:20 pm من طرف samer abd hussain
» ألف مبروك اصداركم الجديد ( السفاحون فى الآرض ) الذى يضعكم على منصة التتويج مع الدعاء بالتوفيق دوما
26th أبريل 2015, 5:17 pm من طرف samer abd hussain
» الباحث الكبير رجاء هام
12th أبريل 2015, 11:14 am من طرف الخزامي
» بيان الإعجاز العلمى فى تبيان فتح مغاليق ( التوراة السامرية ـ التوراة العبرانية )
10th أبريل 2015, 6:11 am من طرف الخزامي
» الرجاء .. ممكن كتاب أسرار الفراعنة المصريين القدماء للباحث العلمي الدكتور سيد جمعة
24th فبراير 2015, 4:37 am من طرف snowhitco