اختلفت السنّة والشيعة في الخلافة أو الإمامة ، ففي الوقت الذي يعتبر علماء السنّة أن الخلافة أو الإمامة هي مسألة خاصة بالمسلمين يختارون الإمام بأنفسهم من منطق الآية " وأمرهم شورى بينهم " (38 الشورى) ، فإن المذهب الشيعي يعتبر الخلافة أو الإمامة أمرها لله تعالى يختار من يشاء ، وعليه فإن الإمامة عند الشيعة أصل من أصول الدين والإقرار بها شرطاً أساسياً لاكتمال الدين ويستندون في ذلك على آية التبليغ " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " (67 المائدة) الآية قبل الأخيرة من ختام نـزول القرآن الكريم والتي نـزلت بعد حجة الوداع وفي الطريق بين مكة والمدينة في بقعة يقال لها غدير خم وكما روى الكثير من المفسرين والعلماء السنّة أنها نـزلت في ولاية الإمام علي بن أبي طالب ، حيث بعد نـزول هذه الآية خطب النبي (ص) فقال ضمن ما قال " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه … إلى آخر الخطبة " ثم نـزلت بعد ذلك مباشرة آخر آية قرآنية على النبي (ص) " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " (3 المائدة) وعليه فإن الشيعة تعتبر الإمامة أو الخلافة لرسول الله (ص) أمرا إلهياً أمر بها النبي (ص) أن يبلغ به ، فخطب النبي في المسلمين بعد حجة الوداع مباشرة فقال " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " . ويعتبرون الشيعة الإقرار بها شرط أساسي لاكتمال الدين لكون الدين لم يكتمل إلا بعد تنصيب الإمام علي ولي أمر المسلمين استنادا لقوله تعالى في الآية " وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " . فالشيعة ترى أن الخليفة والإمام بعد رسول الله (ص) هو الإمام علي بن أبي طالب والإقرار بذلك هو شرط لاكتمال الدين ، وعدم الإقرار بإمامة علي بن أبي طالب كإمام وخليفة بعد رسول الله (ص) هو رد لأمر الله تعالى ، بل إن الدين من غير الالتـزام بهذا الأمر لا ينفع ، ومن هذا المنطلق تأتي الإمامة عند الشيعة أصل من أصول الدين . أما السنة فهم يفصلون بين الخلافة والإمامة حيث يعتبرون الحقبة في عهد الخلفاء ذات قدسية وامتداد لـزمن رسول الله (ص) وعليه فإنه لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يعترض على أمر قد تم في تلك الحقبة خاصةً فيما يتعلق بكيفية حدوث الخلافة بعد رسول الله (ص) وإن حدثت صراعات فيما بينهم فهم أصحاب رسول الله (ص) وكل عمل فعلوه حسن ولا يجب الاعتراض على أحد منهم وبالتالي فإن الإقرار بخلافتهم على النحو الذي تم أمر من حسن الإيمان والاعتراض على خلافة أحدهم زندقة ، وأما الإمامة عند السنة فهي بدأت عهد الدولة العباسية عندما اتخذوا أبا حنيفة أول إمام لهم ثم مالك فابن حنبل وأخيرا الشافعي . وتعتبر السنّة إن الإمامة مسألة تخص المسلمين ، فيختاروا من يشاءوا ليهديهم ويعلمهم أمور دينهم من الكتاب والسنّة فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ الإمام فله أجر واحد . لقد بدأت الإمامة عند المذاهب الأربعة السنية في أواسط القرن الثاني من الهجرة أي بعد حوالي أكثر من مائة سنة على رحيل رسول الله (ص) ، في حين أن الإمامة عند الشيعة بدأت مباشرةً بعد رحيل رسول الله (ص) حيث اتخذوا الإمام علي إماماً لهم . يعتبر أهل السنة الخلفاء الأربعة ومعاوية وباقي حكام بنو أمية هم خلفاء أو أئمة في زمانهم فكل واحد منهم كان إمام زمانه ، وبعد ظهور أئمة المذاهب الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل في القرن الثاني من الهجرة ، أصبح هؤلاء هم أئمة المسلمين السنّة منذ ذلك الحين إلى اليوم .الخلافة والإمامة في القرآن إن الخلافة أو الإمامة التي اختلفت فيها الفرقتين الإسلاميتين السنة والشيعة قد ورد بشأنها آيات قرآنية كثيرة ، وبمقارنة مفهوم المذاهب السنيّة للخلافة أو الإمامة بتلك الآيات القرآنية وكذلك مقارنة مفهوم الشيعة بتلك الآيات القرآنية نجد أن رأي الشيعة أقرب لمنطق تلك الآيات ، وبالمقابل فإن رأي المذاهب الأربعة السنية في مفهوم الخلافة والإمامة تصطدم بتلك الآيات القرآنية . إن الكثير من الآيات القرآنية تثبت أن الله تعالى هو الذي يختار ويجعل من يشاء إماماً ، ويتوعد من يتبع إماماً لم يختاره هو سبحانه وتعالى ، ومن ضمن الآيات قال تعالى " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " (124 البقرة) . أن إبراهيم عليه السلام مع إنه كان نبياً إلا أنه لم يكن إماماً للناس شرعاً حتى اختاره الله وجعله إماماً للناس وأصبح على الناس أن يتخذوه إماماً ، فالله هو الذي جعل إبراهيم إماماً وليس المسلمون . وقال تعالى " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " (73 الأنبياء) ، وقال تعالى " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " (24 السجدة) ، وكذلك " واجعلنا للمتقين إماما " (74 الفرقان) ، وقال موسى مخاطبا ربه " واجعل لي وزيراً من أهلي " (29 طه) فمع أن موسى أصبح نبياً لم يكن من حقه أن يجعل أخاه وزيرا أو يستخلفه إلا بأمر الله فطلب أن يجعل الله أخاه هارون وزيرا . وقال تعالى " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض " (26 ص) فالله هو الذي يجعل من يشاء خليفة . وقال تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " (30 البقرة) فالخلافة الربانية في الأرض يجعلها الله بأمره ، وخليفة الله في الأرض ليست بالضرورة تعني النبوة بل من يشاء الله أن يحكم بحكمه في الأرض وقد ذكر القرآن الكريم شخصيات قال العلماء أنهم ليسوا أنبياء مثل لقمان الحكيم وقالوا الخضر أيضا وذو القرنين . فالإمام أيضا هو خليفة الله على الأرض وحجة الله على البشر والأنبياء شهداء عليهم " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " (41 النساء) . وقال تعالى " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " (5 القصص) وبالمقابل توعد الله الأئمة الذين لم يأذن الله لهم فقال تعالى " وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون " (41 القصص) فمع أن الناس اختاروهم أئمة فقد تدخل الله في تلك الإمامة وجعلها إمامة ضلال .
إن الآيات القرآنية السابقة تبين أن الخلافة والإمامة شأن رباني لا ينبغي تدخل أحد فيها " ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً " (49 النساء) " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون " (68 القصص)
إن الله تعالى توعد الذين لم يلتـزموا بالإمام الذي أختاره فقال " يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أُوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " (71،72 الإسراء) فالناس الذين تبعوا الإمام الذي أراده الله تعالى سوف يؤتون كتابهم بيمينهم ، أما الذين اختاروا إماماً غير من أراده الله تعالى فقد شبههم الله تعالى بالعميان ، لأن الأمر كان واضحاً ولم يلتـزموا به بالتالي يُبعثون يوم القيامة عميٌ وأضل سبيلا. إن هاتين الآيتين (71 ، 72) من سورة الإسراء تفيدان وحدهما أن هناك شيئا ما ومصير مرتبط بالإمام وأعطى الله مثالا فقال " من كان في ذلك أعمى " ومن أسلوب المثال يتضح أن هناك أمام يفترض إتباعه لكن البعض لا يتخذه إماما وكأنه لا يراه إماما ، فشبهه الله بالأعمى ، وعليه سيبعث أعمى " فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " . إن قول المذاهب الأربعة السنية بأن الخلافة أو الإمامة قد ترك اختيارها للمسلمين يعد نوع من المجازفة وتلاعب بالمصير يوم القيامة ، فبحكم الآيتين السابقتين يعتبر مصير كل فئة من الناس متعلق بمصير الإمام الذي اختاروه ، فإن كان اختيار الإمام خطأ فالمصير العمى يوم القيامة بغض النظر عن العمل والعبادة في الدنيا حيث لن يقبلها الله وستكون هباءًا منثورًا " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا " (23 الفرقان) .
قال تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " ، وقال تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم " (33 محمد ) لقد جاء لفظ " ولا تبطلوا أعمالكم " للتذكير بطاعة الإمام الذي أمر الله طاعته ، فاستبدلت العبارة " أولى الأمر " ( أي وأطيعوا الإمام الهادي ) بعبارة " ولا تبطلوا أعمالكم " لأن عدم الاقتداء بذلك الإمام يؤدي إلى بطلان العمل ، فالعبارة " لا تبطلوا أعمالكم " ليس المقصود بأن عدم طاعة الله والرسول يبطل العمل لأن بدونها لن يقبل العمل أصلا ، ولكن العبارة تشير إلى أن هناك عمل صالح ( طاعة الله وطاعة الرسول ) لكنه معرّض أن يبطل . فالطاعة لله والرسول ينبغي لها أن تكمل بطاعة ذلك الإمام الهادي الذي أمر الله بطاعته . وقوله " ولا تبطلوا أعمالكم " هو تذكير وتحذير لقوله تعالى " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا " ، وكأن الله تعالى أراد القول أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا الإمام الذي أمرت بطاعته حتى لا تصبح طاعتكم ناقصة فتكون هباءا منثورا . إن الإمام هو خليفة الله ولا بد أن يفتي أو يحكم بحكم الله ولا يشطط حتى لا يضل قومه فكيف له أجر واحد إن أخطئ كما يزعم أهل السنة وهو قد أضل قومه ؟ فهل يعقل أن يكافئ على ضلاله ؟! وماذا لو كان نصف فتاواه خطأ وخلاف حكم الله ؟! فهل يعقل أن يكافئ في ذلك وهو مضل لقومه ؟! من هنا تكمن أهمية الأمام ، فالقول بأن الخلافة أو الإمامة من شأن الناس يتعارض مع الكثير من الآيات القرآنية ويُعد مجازفة بالمصير يوم القيامة .
أن أهمية الإمام يوم القيامة عند الله كما ورد في الآيتين السابقتين (71،72 الإسراء) تؤكد أن لله أمر ما في الإمامة وعلى الناس أن يدركوا ذلك ويلتزموا بهذا الأمر ، ولو كانت الخلافة أو الإمامة أمر اختيارها للمسلمين لما أصبحت ذات أهمية يوم القيامة وتحدد مصير كل قوم بمجرد دعوة إمامهم كما ورد في الآيتين السابقتين . ثم يقول تعالى بعد ذلك " ونـزعنا من كل أمة شهيداً فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون " (75 القصص) أي إن الله لا يسأل عن أعمالهم بل سأل الشهيد عليهم وهو الإمام الذي اختاروه عن برهان شرعيته فعلموا إن الحق لله في الاختيار وهم قد افتروا وبذلك وضلوا . إن المذاهب السنية التي تعتبر الخلافة أو الإمامة أمرها للناس من منطلق الآية " وأمرهم شورى بينهم " لم تفرق بين ما تعنيه الآية الكريمة وبين ما هو لا يدخل ضمن نطاق الشورى كالدين ، فمجال الشورى ينحصر في أمور الدنيا فقط ، أما الدين لله وحده ، فما كان ذو علاقة بالدين كان أمره إلى الله وما كان غير ذلك فهذا من شأن البشر . إن قصة موسى (ع) مع بني إسرائيل تثبت عدم قدرة الإنسان في اختيار الأنسب لأن الإنسان لا يعلم ما في الصدور ، فإذا كان نبي الله موسى (ع) لم يحسن اختيار الأفضل من قومه للقاء الله ، فكيف بالناس يحسنون اختيار المناسب ؟ فهذا موسى (ع) اختار أفضل سبعين رجلاً في نظره من أصل أفضل سبعمائة رجل من بني إسرائيل حينما قال له بني إسرائيل " لا نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " ولما اختارهم موسى وذهب للقاء الله عز وجل ثم كلمهم الله كفروا وقالوا هذا سحر فأرسل عليهم صاعقةً وأماتهم كما ورد في القرآن الكريم . فع أن موسى كان نبيا لم يحسن اختيار أفضل قومه إيمانا وعلما فكيف يحسن الناس اختيار الإمام ؟! إن الإمامة هي مرتبة دينية يضعها الله لمن يشاء كما بينت الآيات السابقة ودور الإمام دور تكميلي للرسالة فالرسول (ص) كان دوره مميـزاً ومحدداً جاء بالرسالة لينذر ويبشر فقط أما الإمام الهادي فالله هو الذي يختاره . ولعل الحوار الذي جرى بين النبي (ص) وبين بني عامر بن صعصعة يبين بمنتهى الوضوح إن الله هو الذي يختار الخليفة أو الإمام بعد النبي (ص) ، فعندما اجتمع الرسول (ص) مع بني عامر بن صعصعة وطلب مساعدتهم ضد المشركين قالوا : أريت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال الرسول (ص) : الأمر لله يضعه حيث يشاء . فقالوا : أفتهدي نحورنا للعرب دونك فإن أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك فأبوا عليه . هذه الواقعة تبين بوضوح أن الخلافة بعد النبي (ص) بيد الله كما قال الرسول (ص) الأمر لله يضعه حيث يشاء ، ولو كان غير ذلك لكان رد النبي لهم مشجعاً ليكسبهم ويتعاونوا معه فقد كان بحاجة إليهم فيقول لهم مثلاً الأمر للناس يختارون من يريدون وهذا لم يقوله الرسول (ص) .
إن الآيات القرآنية السابقة تبين أن الخلافة والإمامة شأن رباني لا ينبغي تدخل أحد فيها " ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً " (49 النساء) " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون " (68 القصص)
إن الله تعالى توعد الذين لم يلتـزموا بالإمام الذي أختاره فقال " يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أُوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " (71،72 الإسراء) فالناس الذين تبعوا الإمام الذي أراده الله تعالى سوف يؤتون كتابهم بيمينهم ، أما الذين اختاروا إماماً غير من أراده الله تعالى فقد شبههم الله تعالى بالعميان ، لأن الأمر كان واضحاً ولم يلتـزموا به بالتالي يُبعثون يوم القيامة عميٌ وأضل سبيلا. إن هاتين الآيتين (71 ، 72) من سورة الإسراء تفيدان وحدهما أن هناك شيئا ما ومصير مرتبط بالإمام وأعطى الله مثالا فقال " من كان في ذلك أعمى " ومن أسلوب المثال يتضح أن هناك أمام يفترض إتباعه لكن البعض لا يتخذه إماما وكأنه لا يراه إماما ، فشبهه الله بالأعمى ، وعليه سيبعث أعمى " فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " . إن قول المذاهب الأربعة السنية بأن الخلافة أو الإمامة قد ترك اختيارها للمسلمين يعد نوع من المجازفة وتلاعب بالمصير يوم القيامة ، فبحكم الآيتين السابقتين يعتبر مصير كل فئة من الناس متعلق بمصير الإمام الذي اختاروه ، فإن كان اختيار الإمام خطأ فالمصير العمى يوم القيامة بغض النظر عن العمل والعبادة في الدنيا حيث لن يقبلها الله وستكون هباءًا منثورًا " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا " (23 الفرقان) .
قال تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " ، وقال تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم " (33 محمد ) لقد جاء لفظ " ولا تبطلوا أعمالكم " للتذكير بطاعة الإمام الذي أمر الله طاعته ، فاستبدلت العبارة " أولى الأمر " ( أي وأطيعوا الإمام الهادي ) بعبارة " ولا تبطلوا أعمالكم " لأن عدم الاقتداء بذلك الإمام يؤدي إلى بطلان العمل ، فالعبارة " لا تبطلوا أعمالكم " ليس المقصود بأن عدم طاعة الله والرسول يبطل العمل لأن بدونها لن يقبل العمل أصلا ، ولكن العبارة تشير إلى أن هناك عمل صالح ( طاعة الله وطاعة الرسول ) لكنه معرّض أن يبطل . فالطاعة لله والرسول ينبغي لها أن تكمل بطاعة ذلك الإمام الهادي الذي أمر الله بطاعته . وقوله " ولا تبطلوا أعمالكم " هو تذكير وتحذير لقوله تعالى " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا " ، وكأن الله تعالى أراد القول أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا الإمام الذي أمرت بطاعته حتى لا تصبح طاعتكم ناقصة فتكون هباءا منثورا . إن الإمام هو خليفة الله ولا بد أن يفتي أو يحكم بحكم الله ولا يشطط حتى لا يضل قومه فكيف له أجر واحد إن أخطئ كما يزعم أهل السنة وهو قد أضل قومه ؟ فهل يعقل أن يكافئ على ضلاله ؟! وماذا لو كان نصف فتاواه خطأ وخلاف حكم الله ؟! فهل يعقل أن يكافئ في ذلك وهو مضل لقومه ؟! من هنا تكمن أهمية الأمام ، فالقول بأن الخلافة أو الإمامة من شأن الناس يتعارض مع الكثير من الآيات القرآنية ويُعد مجازفة بالمصير يوم القيامة .
أن أهمية الإمام يوم القيامة عند الله كما ورد في الآيتين السابقتين (71،72 الإسراء) تؤكد أن لله أمر ما في الإمامة وعلى الناس أن يدركوا ذلك ويلتزموا بهذا الأمر ، ولو كانت الخلافة أو الإمامة أمر اختيارها للمسلمين لما أصبحت ذات أهمية يوم القيامة وتحدد مصير كل قوم بمجرد دعوة إمامهم كما ورد في الآيتين السابقتين . ثم يقول تعالى بعد ذلك " ونـزعنا من كل أمة شهيداً فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون " (75 القصص) أي إن الله لا يسأل عن أعمالهم بل سأل الشهيد عليهم وهو الإمام الذي اختاروه عن برهان شرعيته فعلموا إن الحق لله في الاختيار وهم قد افتروا وبذلك وضلوا . إن المذاهب السنية التي تعتبر الخلافة أو الإمامة أمرها للناس من منطلق الآية " وأمرهم شورى بينهم " لم تفرق بين ما تعنيه الآية الكريمة وبين ما هو لا يدخل ضمن نطاق الشورى كالدين ، فمجال الشورى ينحصر في أمور الدنيا فقط ، أما الدين لله وحده ، فما كان ذو علاقة بالدين كان أمره إلى الله وما كان غير ذلك فهذا من شأن البشر . إن قصة موسى (ع) مع بني إسرائيل تثبت عدم قدرة الإنسان في اختيار الأنسب لأن الإنسان لا يعلم ما في الصدور ، فإذا كان نبي الله موسى (ع) لم يحسن اختيار الأفضل من قومه للقاء الله ، فكيف بالناس يحسنون اختيار المناسب ؟ فهذا موسى (ع) اختار أفضل سبعين رجلاً في نظره من أصل أفضل سبعمائة رجل من بني إسرائيل حينما قال له بني إسرائيل " لا نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " ولما اختارهم موسى وذهب للقاء الله عز وجل ثم كلمهم الله كفروا وقالوا هذا سحر فأرسل عليهم صاعقةً وأماتهم كما ورد في القرآن الكريم . فع أن موسى كان نبيا لم يحسن اختيار أفضل قومه إيمانا وعلما فكيف يحسن الناس اختيار الإمام ؟! إن الإمامة هي مرتبة دينية يضعها الله لمن يشاء كما بينت الآيات السابقة ودور الإمام دور تكميلي للرسالة فالرسول (ص) كان دوره مميـزاً ومحدداً جاء بالرسالة لينذر ويبشر فقط أما الإمام الهادي فالله هو الذي يختاره . ولعل الحوار الذي جرى بين النبي (ص) وبين بني عامر بن صعصعة يبين بمنتهى الوضوح إن الله هو الذي يختار الخليفة أو الإمام بعد النبي (ص) ، فعندما اجتمع الرسول (ص) مع بني عامر بن صعصعة وطلب مساعدتهم ضد المشركين قالوا : أريت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال الرسول (ص) : الأمر لله يضعه حيث يشاء . فقالوا : أفتهدي نحورنا للعرب دونك فإن أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك فأبوا عليه . هذه الواقعة تبين بوضوح أن الخلافة بعد النبي (ص) بيد الله كما قال الرسول (ص) الأمر لله يضعه حيث يشاء ، ولو كان غير ذلك لكان رد النبي لهم مشجعاً ليكسبهم ويتعاونوا معه فقد كان بحاجة إليهم فيقول لهم مثلاً الأمر للناس يختارون من يريدون وهذا لم يقوله الرسول (ص) .
1st أكتوبر 2018, 4:52 pm من طرف Reda
» بيان الإعجاز العلمى فى تحديد التبيان الفعلى لموعد ( ليلة القدر ) على مدار كافة الأعوام والآيام
1st يوليو 2016, 2:11 pm من طرف usama
» كتاب اسرار الفراعنة
20th يوليو 2015, 7:11 am من طرف ayman farag
» أسرار الفراعنة القدماء يبحث حقيقة استخراج كنوز الأرض ــ الكتاب الذى أجمعت عليه وكالات الآنباء العالمية بأنه المرجع الآول لعلماء الآثار والمصريات والتاريخ والحفريات ــ الذى تخطى تحميله 2300 ضغطة تحميل
12th يوليو 2015, 4:15 pm من طرف farag latef
» ألف مبروك الآصدار الجديد ( الشيطان يعظ ) ونأمل المزيد والمزيد
26th أبريل 2015, 5:20 pm من طرف samer abd hussain
» ألف مبروك اصداركم الجديد ( السفاحون فى الآرض ) الذى يضعكم على منصة التتويج مع الدعاء بالتوفيق دوما
26th أبريل 2015, 5:17 pm من طرف samer abd hussain
» الباحث الكبير رجاء هام
12th أبريل 2015, 11:14 am من طرف الخزامي
» بيان الإعجاز العلمى فى تبيان فتح مغاليق ( التوراة السامرية ـ التوراة العبرانية )
10th أبريل 2015, 6:11 am من طرف الخزامي
» الرجاء .. ممكن كتاب أسرار الفراعنة المصريين القدماء للباحث العلمي الدكتور سيد جمعة
24th فبراير 2015, 4:37 am من طرف snowhitco